فصل الصمت


 ...
ما يمنعني عن الحديث إليك هو نفس ما يحول في أكثر الأوقات دون أن أكتب إليك ، فإن القياسات العادية لا تصلح مع حالتي ولا أظنها تقدر على توصيف أبعادي . أحس بأن لا شئ يكفي بعد ، بأن هذه الأحاسيس المتشابكة لازالت في حاجة إلى عش تتدفأ فيه لتكبر ، وأحس بأن الكلمات التي تعلمتها من قاموس الحياة لازات جافة وغير قادرة على صك جملة مفيدة تروي العطش ، عطشك وعطشي .. وأحس بأن الإحساس نفسه لم يتجاوز الكبوة الأزلية وأن رحلة التسلق تمتد أطول فأطول ، أحس ، بأن زمام الأمور وجدت منذ الأزل لتنفلت من كل الأيدي ، أحس برغبة في تحرير الحبل من يدي وإفلات كل الأوهام التي ندافع عنها بينما تدفعنا هي إلى الهلاك ، أحس بأن الوقت الحقيقي ، الوقت المناسب ، لا يوجد في الشوارع والأزقة ، لا في جلسات الإرتجاف ، أن الوقت المناسب ليس نقطة من بحر ولا محطة على سكة ، ، أحس أن الخسارة هي الإصرار على بعث الحياة في جدع شجرة مقطوع ، أن الخسارة في إختلاق سقوط نحو الأعلى ، ...
ما يمنعني عن الحديث إليك هو تماما ما يدفعك كل الوقت إلى كسر الصقيع من حولي بقطع ألحانك الحية ، ما يحول في أكثر الأوقات دون أن أكتب إليك هو نفسه ما يجعلك ترفعين رهان الجنون وتسكبين كل أوراقك حبرا وحبا ، ، على طرفي الحبل ،، أنا أقيس المسافات الممتدة في الدوائر الأخرى ، وأنت تقيسين مسافة الحبل الفاصلة بين عناقين ..
بينما أفكر في اللاتفكير تعاودين الرجوع إلى أصل دقات القلوب ، بينما أنسحب مع خصلات شعرك حيث يشتهي الهبوب ، أنت تسجدين لهمسة برد وبعدها توقدين الإحتراق ، بينما يموت موتي ليولد الجنين ، تطالبين الحياة أن تدب في أوراق خريفية لا يليق كسر طقس تطايرها في الهواء ، ،
...

بقلم عصام بقسيم 

قالب تدوينة تصميم بلوجرام © 2014