ما يمنعني عن
الحديث إليك هو نفس ما يحول في أكثر الأوقات دون أن أكتب إليك ، فإن القياسات
العادية لا تصلح مع حالتي ولا أظنها تقدر على توصيف أبعادي . أحس بأن لا شئ يكفي
بعد ، بأن هذه الأحاسيس المتشابكة لازالت في حاجة إلى عش تتدفأ فيه لتكبر ، وأحس
بأن الكلمات التي تعلمتها من قاموس الحياة لازات جافة وغير قادرة على صك جملة
مفيدة تروي العطش ، عطشك وعطشي .. وأحس بأن الإحساس نفسه لم يتجاوز الكبوة الأزلية
وأن رحلة التسلق تمتد أطول فأطول ، أحس ، بأن زمام الأمور وجدت منذ الأزل لتنفلت
من كل الأيدي ، أحس برغبة في تحرير الحبل من يدي وإفلات كل الأوهام التي ندافع
عنها بينما تدفعنا هي إلى الهلاك ، أحس بأن الوقت الحقيقي ، الوقت المناسب ، لا
يوجد في الشوارع والأزقة ، لا في جلسات الإرتجاف ، أن الوقت المناسب ليس نقطة من
بحر ولا محطة على سكة ، ، أحس أن الخسارة هي الإصرار على بعث الحياة في جدع شجرة
مقطوع ، أن الخسارة في إختلاق سقوط نحو الأعلى ، ...
ما يمنعني عن
الحديث إليك هو تماما ما يدفعك كل الوقت إلى كسر الصقيع من حولي بقطع ألحانك الحية
، ما يحول في أكثر الأوقات دون أن أكتب إليك هو نفسه ما يجعلك ترفعين رهان الجنون
وتسكبين كل أوراقك حبرا وحبا ، ، على طرفي الحبل ،، أنا أقيس المسافات الممتدة في
الدوائر الأخرى ، وأنت تقيسين مسافة الحبل الفاصلة بين عناقين ..
بينما أفكر في
اللاتفكير تعاودين الرجوع إلى أصل دقات القلوب ، بينما أنسحب مع خصلات شعرك حيث
يشتهي الهبوب ، أنت تسجدين لهمسة برد وبعدها توقدين الإحتراق ، بينما يموت موتي
ليولد الجنين ، تطالبين الحياة أن تدب في أوراق خريفية لا يليق كسر طقس تطايرها في
الهواء ، ،
...
بقلم عصام بقسيم