لا توجد حقيقة أخرى خارج تلك التي تنخر في دواخلنا ، تلك المتسكعة في الأزقة ، والمنتظرة عودتنا عند عتبات الباب . لا توجد حقيقة مخفية في ضل الكلمات المثنية بأحشاء الكتب . لا توجد حقيقة سرية تكشفها قلوب العشاق . تفاهات تفاهات ... كنت غبيا جدا لتلك الدرجة التي أعمتني عن رؤية المشهد كاملا غير مصاب بعيب خلقي . أغرقتني كلماتها في الأوهام ، وشجعتني هلوسات الكتاب على ولوج عالم الهذيان ... ماذا بعد الحب الجارف الذي غرقنا فيه ؟ هل نحن من يعلم العالم القراءة والكتابة من أول ؟ .. لقد صرخ في وجهي كما يفعل رجل دين مغرور يعلم الناس كيف يكونون ملائكة . لقد جمع بقبضته كسوتي البالية وبصق على وجهي لأني أحاول أن أضع معايير أخرى للعالم غير تلك التي تسيير عليها الأمور . يا حبيبتي ، بل يا أنتي ، أتودين أن تعرفي ماذا قال . لكني أجزم أنك تعرفينه ، وما لا تعرفينه هي تلك الجراح التي أضافها إلى متحف من الجراح امتلكته على جسدي وبدواخلي قبل أن تظهري في قر الصحراء كزهرة أمل ، اتضح أنها هلوسات تصورها أعين تائه ، عطش ، متعب . تشدق كما يفعل الآدميون الذين يدركون الحقيقة دون تعب أو ألم ، تشدق بالكلمات الحادة التي لم تكن جديدة على قلبي . سب وشتم ، تم حاضر في ما يصلح لمنحرفي السلوك والخلق من أمثالي ، .. اتضح أني أدمنت الخيالات . اتضح أني كذاب منافق وتافه ، فقد أيقظتني اللكمة وأعلمتني أني كنت أنانيا . كيف سمحت لنفسي بأن أحبك ؟ وأنت هي أنت وأنا هو أنا في نهاية المطاف ؟ أدين لك بالاعتراف والاعتذار . لكنك دون أن تكوني مدينة لي بشئ ، مطالبة بأن تكوني مرة أخرى شهمة كما كنت يوم قررت أن تخبريني بأنك تحبينني . نعم كوني كذلك مرة أخرى وتشجعي على إنكار لحظات الهذيان تلك . هل تقدرين ؟ .. آه تم آه ، لو أن الزمن في رمشة عين يهرول نحو الأمام كما فعل بما مضى من سنوات التيه تلك . آه لو يفعل وأفتح عيني على ذاكرتي لأقارنها بمشيتك فأجد بها عنفوانا نسي ما كان من زمن تجريب الفلسفات المجنونة . قررت يا أنتي ، قررت أن أستيقظ في الصباح كما يفعل الأسوياء ، أرش وجهي بالماء البارد وأدفنه في أحاديث لا نطيل التفكير في جذورها وفحواها ، فالحقيقة هي هذه التي يمارسها الجميع لا تلك التي تنبع من شذوذ البعض عن الكل . ما دام الكل لا يستغرق كثيرا في الحب فلما نفعل نحن ؟
عصام