لم يخطر لي على بال أن مراسيم الموت تظهر بيضاء لمن يقبل عليها برجليه ، راغبا وغير راغب . خائفا وغير آهب . جدران بيضاء ، كراسي بيضاء ، بسمات بيضاء . اشتغلت هنا لسنين طويلة ولم أكن أعير هذا اللون أي اهتمام . حتى حل هو ضيفا علينا ، ذاك الذي سكن هذا الجسد المسجى أمامي في ثلاجة الموتى . كنت أرتجف كما لو أني أرى مشهد ميت لأول مرة .
.. ارتجفت أوصالي حينما سمعته يرفق قهقهته تلك الكلمات * .. أتعرف يا سيدي ما يخيفني أكثر ؟ إنها هذه اللحظات التي ستستبقونني فيها على قيد الحياة . . أبي وأمي يريدانني أن أحيا لشهرين إضافيين ، سيحرقان كل تلك الأموال من أجل ستين يوما اضافية ، أليس هذا غباءا ..* نعم ارتجفت ، ولم أعرف كيف أجيب رغم أن سؤاله كان جوابا أيضا ، ، لكني تخشبت وتخشبت كلماتي وأنا أحمل تلك الجملة البيضاء القديمة التي كنت أنثرها على مشاريع أجساد باردة * .. أنه مرض خبيث ، لكن المعجزات تحصل ، ربما في الشهرين القادمين ...* تلعتمت حين أحسست من نظراته تعرية لجلد وجهي ، وقفت هيكلا عضميا أمام كلماته التي انسابت *.. معجزات ، لابد أنك لم تفهم بعد مغزى الأيام التي تتساقط من عمرك ،، آسف أيها العجوز فأنا من سيخبرك بمعجزة ستتحقق بعد ستين يوما ، .. سأكون مستلقيا في الغالب على ظهري ، وجسدي العاري يأخد لون بنايتكم هذه ، ستضطر إلى ركن هذا الجسد في تقب فارغ من تلك التي تملأ ثلاجة المستشفى *
كان الموت بالنسبة لهذا الشاب العشريني كأي حافلة يستقلها بعد أن تعجز الأولى عن إيصاله إلى وجهته . بأريحية ابن المدينة الذي لا تعيقه ضخامة المباني والشوارع ، استقبل تلك الأفكار التي أغرقت غيره في حزن وشحوب على نفس السرير الذي كان يقهقه فيه طوال النهار ، أو يبسم في وجه كتابه الذي رافقه طوال الشهرين . كأنه صديق الموت وعشيق الحياة .
فتح الأحاديث الطوال مع كل من يصادفه من ممرضين ومرضى ، وكان يحكي عن سفره القريب ، ومن أعمق أعماق الجميع كان يخرج البسمة رغما عن السواد الذي نراه في مثل تلك السير . * .. سأموت قريبا ، وهذا أمر رائع . لن أضطر لقراءة خيالات الكتاب حتى أنتقل إلى عوالم أخرى ، سأسافر بنفسي لأعاين ...* ، عقد صداقات حقيقية في المشفى جعلتني أكتشف زيف العلاقات التي رسمتها مع الجميع دون أن أكون قد نلت في العمق أية علاقة . شهران فقط علمنا فيها كيف نكون حقيقيين حقيقة . * .. أنت أيتها الجميلة ، ما رأيك أن أراهن على أنك ستتبسمين يوم تأخدين في خيالك أو واقعا وردا لتضعيه على قبري .. * هكذا يخاطب زميلتي ، وكان بذلك يخاطبنا جميعا .
مستلقي أمامي ، اكتسى جسده بياضا ناصعا . لقد كان انسانا . كما لم أكن ، وكما يجدر بي وبالجميع أن يكون . غرق هذا الجناح من المشفى في صمت عظيم . لم يكن أحد يطيل في الكلام ، لكن أجزم أن كل واحد صادفه هنا منشغل الآن في ترميم فسيفساء عن هذا
العبور .
.. ارتجفت أوصالي حينما سمعته يرفق قهقهته تلك الكلمات * .. أتعرف يا سيدي ما يخيفني أكثر ؟ إنها هذه اللحظات التي ستستبقونني فيها على قيد الحياة . . أبي وأمي يريدانني أن أحيا لشهرين إضافيين ، سيحرقان كل تلك الأموال من أجل ستين يوما اضافية ، أليس هذا غباءا ..* نعم ارتجفت ، ولم أعرف كيف أجيب رغم أن سؤاله كان جوابا أيضا ، ، لكني تخشبت وتخشبت كلماتي وأنا أحمل تلك الجملة البيضاء القديمة التي كنت أنثرها على مشاريع أجساد باردة * .. أنه مرض خبيث ، لكن المعجزات تحصل ، ربما في الشهرين القادمين ...* تلعتمت حين أحسست من نظراته تعرية لجلد وجهي ، وقفت هيكلا عضميا أمام كلماته التي انسابت *.. معجزات ، لابد أنك لم تفهم بعد مغزى الأيام التي تتساقط من عمرك ،، آسف أيها العجوز فأنا من سيخبرك بمعجزة ستتحقق بعد ستين يوما ، .. سأكون مستلقيا في الغالب على ظهري ، وجسدي العاري يأخد لون بنايتكم هذه ، ستضطر إلى ركن هذا الجسد في تقب فارغ من تلك التي تملأ ثلاجة المستشفى *
كان الموت بالنسبة لهذا الشاب العشريني كأي حافلة يستقلها بعد أن تعجز الأولى عن إيصاله إلى وجهته . بأريحية ابن المدينة الذي لا تعيقه ضخامة المباني والشوارع ، استقبل تلك الأفكار التي أغرقت غيره في حزن وشحوب على نفس السرير الذي كان يقهقه فيه طوال النهار ، أو يبسم في وجه كتابه الذي رافقه طوال الشهرين . كأنه صديق الموت وعشيق الحياة .
فتح الأحاديث الطوال مع كل من يصادفه من ممرضين ومرضى ، وكان يحكي عن سفره القريب ، ومن أعمق أعماق الجميع كان يخرج البسمة رغما عن السواد الذي نراه في مثل تلك السير . * .. سأموت قريبا ، وهذا أمر رائع . لن أضطر لقراءة خيالات الكتاب حتى أنتقل إلى عوالم أخرى ، سأسافر بنفسي لأعاين ...* ، عقد صداقات حقيقية في المشفى جعلتني أكتشف زيف العلاقات التي رسمتها مع الجميع دون أن أكون قد نلت في العمق أية علاقة . شهران فقط علمنا فيها كيف نكون حقيقيين حقيقة . * .. أنت أيتها الجميلة ، ما رأيك أن أراهن على أنك ستتبسمين يوم تأخدين في خيالك أو واقعا وردا لتضعيه على قبري .. * هكذا يخاطب زميلتي ، وكان بذلك يخاطبنا جميعا .
مستلقي أمامي ، اكتسى جسده بياضا ناصعا . لقد كان انسانا . كما لم أكن ، وكما يجدر بي وبالجميع أن يكون . غرق هذا الجناح من المشفى في صمت عظيم . لم يكن أحد يطيل في الكلام ، لكن أجزم أن كل واحد صادفه هنا منشغل الآن في ترميم فسيفساء عن هذا
العبور .
عصام