التصويت حق أساسي لكل مواطن ، والدستور يكفل هذا الحق . ولأن التصويت نوع
راق من التعبير عن الرأي ، بل ولأنه تعبير عن الرأي والإرادة فإنه لاشك يدخل ضمن
حقوق الإنسان التي لا يمكن لأحد أن يصادرها من أحد . هذا الحق يصادر كثيرا في صفات
معينة دون أن يتحجج أحد بأن ذلك إنتهاك لحق أساسي من حقوق الإنسان ، كما يحصل في كثير من الدول العربية التي تمنع
السجناء من التصويت أو الترشح أو تولي وظائف عامة .
ينتهي في كثير من الأحيان النقاش الذي تشهده المقاهي والشوارع ، بل
والمنتديات والملتقيات ، إلى فكرة مفادها أن نوعية المواطن التي توجد في بلداننا
هي واحد من الأسباب التي تجعلنا في تخلف مستمر . بل قد لا تفاجأ حين تسمع أو تقرأ
عبارة " نحن لا نستحق الحرية " أو " هذا شعب لا يصلح له غير العصا
منهاجا " . وهي بلا شك أفكار متطرفة وعنصرية ومتخلفة ، قد يتفهمها الجميع
حينما تصدر من عامة الناس . إلا أن الحقيقة المخيفة والمخفية أن كثيرة من هذه
الأفكار التي تبدو ساذجة لأول وهلة ، تجد لها من النخبة من يتبناها ويدعو إليها .
تبنى الكاتب والروائي المصري " علاء الأسواني " رأيا وصف من
البعض بالفاشية ، وذلك حين نادى بحرمان الأميين من التصويت . متهما بذلك هذه الفئة
التي تشكل الغالبية في النسيج الإجتماعي المصري بأنها وراء تردي الرؤية الثورية
بعد كل إنتخابات ، فهي فئة تسهل إستمالتها إلى قبول الرشوى ،، وهو ما وصفه علاء
الأسواني في رأيه المثير للجدل "أن الأمية عار علينا جميعا، واجبنا أن نتخلص منها، لكن تمسك الإخوان
والسلفيين بتصويت الأميين سببه أنهم بغير الناخب الأمي وشراء صوت الفقير سيخسرون" وأضاف : " قصر الانتخاب على من يعرف القراءة ليس
عنصرية، وإنما احترام للديمقراطية. كيف يناقش الدستور أميون؟ لكننا بذلك نحرم
الإخوان من جمهورهم الأساسي"
لكن هذا الرأي الصادر عن واحد من كتاب مصر المرموقين لم يرق لكثير من مثقفي
هذا البلد ، فقد وصف الناشط اليساري المصري وائل خليل هذا النوع من الأطروحات
بالفاشية ، وهو نفس الرأي الذي صدر عن الناشط الحقوقي حافظ أبو سعده ، إذ وصف منع
الأميين من التصويت بأنه إنتهاك لحقوق الإنسان .
تكررت على مسامعي كثيرا تلك النظيرة التي تبرر نسب الأمية المرتفعة في
بلادنا المغرب ولا شك في باقي البلاد النامية والمتخلفة ، وهي نظرية تقول بأن
الأمية والتجهيل فعل مقصود من نخبة الحكام ، وأن تعليم المواطنين أمر خطير على كل دكتاتور
. ولا شك أن الجميع لاحظ كيف أن أغلبية الشعب الغير متعلم هي التي تحدد خارطة
مستقبل البلاد ، وهو تحديد يستند بالأساس إلى الرشوى والتعصب الضيق . فهل منع
الأميين 'إن حصل' هتك لحقهم أم حفظ له من يدي العابثين ؟
عصام