يشهد العالم المعاصر أزمة في المنظومة القيمية والأخلاقية، يظهر
ذلك في التنازع بين القيم التقليدية المحافظة التي تسعى نحو تأبيد نفسها والقيم
الحداثية المتصفة بموضتها وتغيرها المستمر في المكان والزمان، وحتى تتصف مداخلتنا
بشيء من المنهجية ارتأينا الانطلاق من العنوان بتفكيكه مفهوميا ودلاليا.
الأزمة: إحالة على القلق المعرفي والإشكالي إزاء قضية ما أو مشكل حياتي عابر، إنها دافع نحو تحريض للقدرات العقلية على الظهور والمواجهة.
القيم: عادة ما يتم ربطها بالأخلاق والمبادئ التي يسعى إليها الإنسان، كما تشير إلى كل المثل الموجهة للسلوك العملي والفكري.
الواقع المحلي والكوني: تتضمن كلمة الواقع ما هو موجود بالفعل سواء محسوسا أو إفتراضا (التقنية المعلوماتية).فالواقع المحلي قد يشير إلى ما نحياه من قيم ومبادئ وأنماط سلوك محلية ذات بعد محدود(ثقافة،دين،عرق،عادات . )
أما الواقع الكوني فهو مجال أكثر اتساعا ورحبة فيه يسمو الإنسان عن واقعه المحدود الثقافي أو الديني أو السياسي، كي يعانق الثقافات الأخرى.بمعنى أنه واقع مناف للانغلاق المحلي.
إشكال القيم هوياتي:
إن المتأمل في أزمة القيم يجد أنه إشكال مرتبط بما تعانيه الذات المعاصرة من هوية مشتتة، ووجدان مفرق بين ما يحياه الإنسان في واقعه المحلي المحدود وما يتطلع إليه أحيانا خارج محدوديته، تساهم العولمة المعاصرة بما تحمله من تقنية وعلم في تكسير هذه المحدودية.ولعل ذلك ما حذى ببعض التيارات الفكرية أو السياسية أو حتى الدينية إلى محاولة بتر هذا المد الجارف للقيم المكتسحة للمجتمعات، وإن بأسماء مختلفة: القومية،الصفاء العرقي،الأمة،الثقافة الموحدة..إلا أن هذا التعدد الموجود لا يمكن اعتباره سلبيا بقدر ما هو يحيل على الاختلاف وصحة الإنتاجات الإنسانية، فالتصور المعاصر للهوية تجاوز عناصر الوحدة والتباث كمقومات جوهرية لها، بل داخل هذه الوحدة يوجد التعدد والاختلاف، فعندما نقول الهوية العربية الإسلامية فهذا لا يعني انسجامها التام، بل داخلها توجد هويات متعددة بل ومتناقضة ثقافيا أو حتى دينيا(عرب،كرد،أفارقة،سريان،أرمن،أمازيغ..(.
هل القيم المحلية كونية؟
غالبا ما تدعي القيم المحلية أنها صالحة لكل زمان ومكان، وتصور لمعتنقيها على أنها الأفضل والأجذر بالحياة مقارنة مع نظيراتها الأخرى مستلهمة تبريراتها من العقيدة الدينية أحيانا،ومن الثقافة التاريخية بما تحمله من أمجاد وبطولات أحيانا أخرى.
إن إنكفائية القيم المحلية على أنفسها يغذيه شعور الخطر المحذق بها من طرف القيم الثقافية الأخرى، وهذه إستراتيجية تشتغل وفقها الثقافة، إنها آلية الإستبعاد أو النفي. ولما كانت المعايير الأخلاقية نسبية كونها تستند إلى منظومة محددة،إذ أن الكونية هي رهان الإنسان، ولا يمكن بلوغها إلا عبر القبول بالآخر في إختلافيته، واعتبار الإختلاف دلالة على الصحة لا على النكوص.بمعنى آخرالإيمان بمحدودية الثقافة المحلية وتغيرها باعتبارها نتاجا إنسانيا وليس إلهيا هو المدخل لبناء الثقافة الكونية، لكن لا ينبغي فهم الكونية على أنها دعوة للكليانية أو شمولية المعايير، بل هي قائمة على الإختلاف والإحترام.
التصورات الفلسفية حول مسألة الهوية:
يمكن إختزالها في مسألة النظرة للوجود، فهناك من يعتبره يتميز ساكنا،ثابتا،سرمديا، وهناك من يعتبره يتميز بالحركية والتغير المستمر.وهاذين التصورين أثرا في إشكالية القيم والهوية، إذ أن القيم تابثة مندمجة تعبر عن حقيقة الأشياء الجوهرية وهنا تحضر الماهية كشيء ثابت في الإنسان، وتجد هذه النظرية مرجعياتها في كل الشرائع الدينية والمذاهب الكليانية.
أما التصور الآخر فهو حركي يمتح من المرجعيات الحركية وتجد أصولها في فلسفات هرقليطس قديما وهيجل نيتشه حديثا.
مسألة المحلية والكونية هي مرادفة لحوار الحركية والثبات،التقدم والتخلف،الماضي والحاضر، كلها ثنائيات يجد الإنسان نفسه محاصرا فيها، ومهمة الفكر هي سلب هذه الثنائيات بإبراز مدى عدم جدواها.
الأزمة: إحالة على القلق المعرفي والإشكالي إزاء قضية ما أو مشكل حياتي عابر، إنها دافع نحو تحريض للقدرات العقلية على الظهور والمواجهة.
القيم: عادة ما يتم ربطها بالأخلاق والمبادئ التي يسعى إليها الإنسان، كما تشير إلى كل المثل الموجهة للسلوك العملي والفكري.
الواقع المحلي والكوني: تتضمن كلمة الواقع ما هو موجود بالفعل سواء محسوسا أو إفتراضا (التقنية المعلوماتية).فالواقع المحلي قد يشير إلى ما نحياه من قيم ومبادئ وأنماط سلوك محلية ذات بعد محدود(ثقافة،دين،عرق،عادات . )
أما الواقع الكوني فهو مجال أكثر اتساعا ورحبة فيه يسمو الإنسان عن واقعه المحدود الثقافي أو الديني أو السياسي، كي يعانق الثقافات الأخرى.بمعنى أنه واقع مناف للانغلاق المحلي.
إشكال القيم هوياتي:
إن المتأمل في أزمة القيم يجد أنه إشكال مرتبط بما تعانيه الذات المعاصرة من هوية مشتتة، ووجدان مفرق بين ما يحياه الإنسان في واقعه المحلي المحدود وما يتطلع إليه أحيانا خارج محدوديته، تساهم العولمة المعاصرة بما تحمله من تقنية وعلم في تكسير هذه المحدودية.ولعل ذلك ما حذى ببعض التيارات الفكرية أو السياسية أو حتى الدينية إلى محاولة بتر هذا المد الجارف للقيم المكتسحة للمجتمعات، وإن بأسماء مختلفة: القومية،الصفاء العرقي،الأمة،الثقافة الموحدة..إلا أن هذا التعدد الموجود لا يمكن اعتباره سلبيا بقدر ما هو يحيل على الاختلاف وصحة الإنتاجات الإنسانية، فالتصور المعاصر للهوية تجاوز عناصر الوحدة والتباث كمقومات جوهرية لها، بل داخل هذه الوحدة يوجد التعدد والاختلاف، فعندما نقول الهوية العربية الإسلامية فهذا لا يعني انسجامها التام، بل داخلها توجد هويات متعددة بل ومتناقضة ثقافيا أو حتى دينيا(عرب،كرد،أفارقة،سريان،أرمن،أمازيغ..(.
هل القيم المحلية كونية؟
غالبا ما تدعي القيم المحلية أنها صالحة لكل زمان ومكان، وتصور لمعتنقيها على أنها الأفضل والأجذر بالحياة مقارنة مع نظيراتها الأخرى مستلهمة تبريراتها من العقيدة الدينية أحيانا،ومن الثقافة التاريخية بما تحمله من أمجاد وبطولات أحيانا أخرى.
إن إنكفائية القيم المحلية على أنفسها يغذيه شعور الخطر المحذق بها من طرف القيم الثقافية الأخرى، وهذه إستراتيجية تشتغل وفقها الثقافة، إنها آلية الإستبعاد أو النفي. ولما كانت المعايير الأخلاقية نسبية كونها تستند إلى منظومة محددة،إذ أن الكونية هي رهان الإنسان، ولا يمكن بلوغها إلا عبر القبول بالآخر في إختلافيته، واعتبار الإختلاف دلالة على الصحة لا على النكوص.بمعنى آخرالإيمان بمحدودية الثقافة المحلية وتغيرها باعتبارها نتاجا إنسانيا وليس إلهيا هو المدخل لبناء الثقافة الكونية، لكن لا ينبغي فهم الكونية على أنها دعوة للكليانية أو شمولية المعايير، بل هي قائمة على الإختلاف والإحترام.
التصورات الفلسفية حول مسألة الهوية:
يمكن إختزالها في مسألة النظرة للوجود، فهناك من يعتبره يتميز ساكنا،ثابتا،سرمديا، وهناك من يعتبره يتميز بالحركية والتغير المستمر.وهاذين التصورين أثرا في إشكالية القيم والهوية، إذ أن القيم تابثة مندمجة تعبر عن حقيقة الأشياء الجوهرية وهنا تحضر الماهية كشيء ثابت في الإنسان، وتجد هذه النظرية مرجعياتها في كل الشرائع الدينية والمذاهب الكليانية.
أما التصور الآخر فهو حركي يمتح من المرجعيات الحركية وتجد أصولها في فلسفات هرقليطس قديما وهيجل نيتشه حديثا.
مسألة المحلية والكونية هي مرادفة لحوار الحركية والثبات،التقدم والتخلف،الماضي والحاضر، كلها ثنائيات يجد الإنسان نفسه محاصرا فيها، ومهمة الفكر هي سلب هذه الثنائيات بإبراز مدى عدم جدواها.
بقلم الأستاذ مولود