التئام شمل



ها هي ذي الأوراق الشاحبة تنسحب مكسورة الخاطر بعدما أذعن الخريف لرغبة أحدهم في اجتياح مسارح الغرام المدججة بمقاعد تسرد أحداثا امتدت سبلها لتتحرر من وطأة المكان و أخرى  فشلت  في فض الغشاء المحيق بجوهرها,الثرى يحفل بلمسات زخات منتحرة نجحت في تسريب الحياة إلى شرايين الحديقة  و كسرت  حصارا فرضته سياسة التداول على العرش 
و ها هو الماضي المتتبع إياي خلسة يستغل انحناءة مني لينشب أنامله الملساء في ذاكرتي المنفية ,لو انتظر قليلا لجنبته عناء الرحلة فأنا سائر إليه بمحض إرادتي لأخبره أني لم أغيبه إنما غبار كثيف تكدس فوق فانوسه المشع 
, لأطلب منه أن يمهد لي لقاءها  فأنا أخشى أنها و بعد كل هذه السنوات  لن تتذكر ذلك النهم الذي يستنشق الياسمين بشراهة , أتوجس من احتمال  أن الزمن  قد أنساها أني أملك عندها رئة ثالثة تتجلى في خصلاتها السوداء 

ثمان سنوات , أحقا مضى الزمن بهذا القدر..أجل أعتقد ذلك فابنتي الوحيدة دخلت المدرسة قبل شهر و هي ألان جد سعيدة و قد وعدتني أن اسمي سيكون أول  ما تكتبه حالما تتم المعلمة تلقينهم الأبجدية , في الحقيقة تمنيت لو تحفر على الورق اسمها أولا فذلك كل ما ينقصها لتصير نسخة عنك لكني لم ألح عليها  لان أحاسيسي المكتومة على شفير مرتفع وان تخلصت من عقدة الأماكن العالية فستحلق ملئ أجنحتها , إن فعلت كنت سأبوح لها عن سر اسمها 
ثمان سنوات  مضت على اليوم المشئوم , أذكر أنك جعلتني يومها أخمن المكان الذي تركت فيه ثمار الدراق , أخبرتني أنهم  حاولوا استنزاف أنوثتك بعدما ضجروا من جسد الوطن المنهك و أنك أفلت منهم 
لكن هل كانت رجولتي تسمح لي بأن أصدقك ؟!, أدرك مدى صدمتك حينما أخبرتك أني لن أتزوج أنثى غير كاملة بيد أنك لن تتصوري مدى فجعيتي باختيارك لفجوة لم تكن لتضيق بك كما جعلت أنا الدنيا تفعل .
اليوم جئت أكفر عن ذنبي و لا تسألي عن ابنتي فأمها لن تعجز عن اختيار أحدهم من القائمة الملئ .

بقلم : أسامة شرفاوي 

قالب تدوينة تصميم بلوجرام © 2014