" ازدراء الدين " في مصر


أحمد حرقان ملحد مصري ، شخص في غاية اللطف ، متزوج من زوجته الحامل و محاور جيد .. هو واحد من الأوائل الذي بدأ الحديث علنا في الإعلام العمومي وفي برامج المحاورة عن حقوق الملحدين في مصر .
هوجم ليلة البارحة هو و زوجته سالي في الشارع من أشخاص حاولوا قتلهم . و تمكنوا من الهرب نحو مقر شرطة " الحنفي الأجلاني " للإبلاغ عن الحادثة . و بدل أن تحميهم الشرطة ، وجد الزوجان و صديقهم كريم أنفسهم عرضة للإهانة من ضباط الشرطة و تم إيقافهم بتهمة " ازدراء الدين " . حتى محاميهم نال نصيبه من التحقير . بقي أحمد و سالي و كريم ينتظرون في مقر شرطة " الداخلة " تحويلهم على مكتب المدعي العام .
تعد مصر من البلدان التي صادقت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يشمل حرية المعتقد ، حرية التفكير و حرية التعبير . نفس الفقرات نجدها أيضا في الدستور المصري . إذا لماذا يقع شيء مثل هذا ؟
كثير من البلدان الإسلامية صادقت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تحت شرط أن لا يتعارض في شيء مع الشريعة الإسلامية . و الشريعة تمنح حرية دينية ( في حدود ) لبقية الناس باستثناء المسلمين . بمعنى أنك إذا كنت مسيحيا أو يهوديا فأنت حر في أن تغير دينك ( أن ترتد ) ، لأن هذا لا يؤثر بشيء على الشريعة ( لكن هذا لا يعني أن تتحول إلى واحدة من تلك الديانات التي لا يعترف بها رسميا ، أي أن الخيار منحصر في العقيدتين المسيحية و اليهودية ) . لكن و بمجرد الولادة من أبوين مسلمين ( أو التحول إلى الإسلام ) فأنت لا تملك خيار تغيير الديانة . العدول عن الإسلام سيجعل منك ملحدا ( مارقا )، و هو ما يعتبر عموما جريمة في الشريعة . الكثير من البلدان الإسلامية المعاصرة ( دعونا نطرح جنبا بلدانا مثل العربية السعودية و مثيلاتها ) لا تختار مباشرة عبارة  " ملحد " . لم يعد " الإلحاد " جزءا من القانون الجنائي المصري منذ  أواخر القرن الماضي ولم يشر إليه في أي من فقرات الدستور المصري .
لكن ما يبدو استعماله شائعا في مصر هي عبارة " ازدراء الأديان " التي تستعمل لمحاكمة الملحدين أو حتى العلمانيين الذين يتناولون بالانتقاد مواضيع حساسة في المجتمع الإسلامي . على فكرة في مصر يمكن أن تحاكم لازدرائك عشرات المواضيع المختلفة بجانب الرئيس أو حتى دولة باكستان . يعرف الدستور و كغيره من البلدان مفهوم " السياسة العامة " والذي بني على مفهوم الشريعة . و بالتالي فإن فعل الإلحاد و إن لم يأتي له نص في الدستور فإنك ستجادل في كون الشخص يتصرف ضد المجتمع الإسلامي و سينظر إليه على أنه يمس بالنظام العام .
كان أحمد حرقان يحادث زوجي في نقاش عام عن الأقليات الدينية وقد نال إعجابي شخصيا . في السنوات الأخيرة ظهر في العديد من برامج " التوك شو " على التلفزيون المصري متكلما عن الإلحاد في مصر ( أليكم مثالا عن ذلك على قناة فرانس 24 إنكليزية  http://www.youtube.com/watch?v=Xzi9cxpwQi4&feature=share )
للأسف فإنه وبعد مثل هذا الظهور فإنها مسألة وقت فقط قبل أن تجد نفسك مهاجما من طرف المجتمع المدني أو الدولة ( أو حتى أسوء ، منهما معا ) .  من المهم تمكين الناس من أن يعلموا ما يحصل و القيام بالضغط عن طريق نشر الأخبار .
في غضون ذلك : تم إطلاق سراح الثلاثة و تم إسقاط التهم عنهم . و الحقيقة أن وقوع مثل هذه الأمور وارد .


هنا بعض الروابط :  
https://www.change.org/p/egyptian-government-freedom-for-ah…

بقلم نينا تانسكانين 
ترجمة عصام بقسيم 
 المصدر :     A girl walking through the Middle East

قالب تدوينة تصميم بلوجرام © 2014