مميزات اللغة الفلسفية


                   إن الخطاب الفلسفي عبر الممارسات الفكرية التاريخية جعل المعقولية والإنسجام غاية له، إذ ينذر أن نجد اضطرابا في النص الفلسفي يحول دون إبلاغ المعنى، فاللغة الفلسفية تستخذم المفاهيم الدقيقة والمجردة التي من شأنها وصف ما تريد معالجته بدقة معرفية، وهذا ما يفسر اشتغالها الكبير على مشكلة تحديد المفاهيم، مما جعل المشتغلين بالمجالات الأخرى غير الفكرية يصفون اللغة الفلسفية بأنها غامضة وتغوص في تجريدات لا معنى لها، بيد أن هذا الغوص كان غايته هو إستبعاد التناقض الحاصل في التحديد المفهومي، وهو ما يجعل عملية الإشتغال اللغوي خاضعة لمقياس الجدل الصاعد( أي التجريد) والجدل النازل (توضيح الحقيقة المفهومية).
لعل الإمتعاض السائد بين العامة من غموض اللغة الفلسفية نابع عن عدم نزوعها نحو إستخذام الصيغ الأدبية أو البلاغية التي تهدف للإمتاع، فاللغة الفلسفية تنحو نحو الإقتضاب وتبليغ المعنى دون لف أو دوران.
إن إشكالية اللغة تفترض حضور الفكر الذي يعالج قضية ما في حقبة معرفية لها خصوصيتها، وهو ما ينعكس على عمل اللغة، حيث نجد أنها تستخذم مفاهيم هي نتاج لزمانها، الإحالة هنا على الحقل المعرفي المؤطر للفكر( الإبستميه بالمعنى الفوكوي)، إذن من هنا تطرح صعوبة فهم نصوص فلاسفة مثل: هيجل،نيتشه..هذا في الثقافة الغربية أو ابن باجه أو ابن رشد في الثقافة الإسلامية.
الإشتغال المدرسي بالنصوص:
إن من ضمن الصعوبات التي قد تواجه المبتدأ في دراسة المتون الفلسفية الغربية هي الإشكالات المتعلقة بالترجمة، إذ كيف يمكن تكييف معطيات فكر قد عاش تجربة إنتقال لغوية قد تصل إلى تلاث لغات، كما هو الشأن بالنسبة للنصوص الألمانية المترجمة للفرنسية والمنتقلة للغة العربية، ونحن نعلم مدى جسامة الترجمة، كونها قد تؤدي إلى اضطراب المعنى، أو تقوم بتحويره.
إن هذا يفترض لدى المترجم إستحضار المتلقي المبتدأ بغية أن يحس بأن هذه النصوص ليست غريبة عنه، بل هي تعالج تجارب حياتية قد يمر بها هو نفسه.
تبقى المقاربة الفلسفية لمسألة الخطاب مفتوحة أمام إمكانات متعددة، حاولنا أن نتتبع مدى صرامة الخطاب وجماليته الهادفة نحو بناء معرفة متكاملة وشاملة للقضايا.
                                                                                                 بقلم الأستاذ مولود                                                    

قالب تدوينة تصميم بلوجرام © 2014